ولد الحبيب المصطفى يوم الاثنين بلا خلاف، والأكثرون على أنه لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل، وكانت ولادته في دار أبي طالب بشعب بني هاشم بمكة.
قال أحمد شوقي في مولده صلى الله عليه وآله وسلم:
ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء
الروح والملأ الملائك حوله للدين والدنيا به بشراء
بك بشر الله السماء فزينت وتضوعت مسكا بك الغبراء
يوم يتيه على الزمان صباحه ومساؤه بمحمد وضاء
ذعرت عروش الظالمين فزلزلت وعلت على تيجانهم أصداء
ولد رسول الله في أيمن طالع وأسعده, وحل في أفضل وقت محمود بأحمده، وأقبل وخيل الخير تقاد بين يديه، وقدم قدوم الغيث إلى الأرض المحتاجة إليه.
ولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين لحديث أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت -أو أنزل علي- فيه (صحيح مسلم).
وذكر الزبير بن بكار والحافظ ابن عساكر أن ذلك كان وقت طلوع الفجر، يدل له قول جده عبد المطلب: ولد لي الليلة مع الصبح مولود.
وعن سعيد بن المسيب: ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند إبهار النهار -أي وسطه-وجزم به ابن دحية وصححه الزركشي في شرح البردة سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 333/1
ولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شهر ربيع الأول:
فعن ابن عباس قال: ولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول، وقبض يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول (أخبار مكة للفاكهي 7/4).
وعن محمد بن إسحاق قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين، لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول عام الفيل (السيرةالنبوية لابن هشام 183/1).
وعن قيس بن مخرمة قال: ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام الفيل (سنن الترمذي).
وقال الزبير بن بكار: حملت به أمه في شعب أبي طالب، وولد يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول عام الفيل، وقيل: لثمان خلون منه، وقيل: لاثنتي عشرة ليلة خلت منه، وذلك بعد قدوم الفيل بشهر، وقيل: بأربعين، وقيل: بخمسين يوما.
قال: وكان قدوم الفيل لثلاث عشرة ليلة بقيت من المحرم يوم الأحد، وكان أول المحرم يوم الجمعة، ووافق يوم ولادته يوم عشرين من نيسان سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة للإسكندر ذي القرنين (جامع الأصول لابن الأثير 89/12).
فمتي كان عام الفيل؟
يربط المؤرخون عام الفيل بكسرى فارس أنو شروان، وكذلك بتاريخ الإسكندر ذي القرنين.
يذكر جرجس العميد ابن أبي إلياس الذي اشتهر في أوروبا باسم المكين وهو صاحب مختصر التواريخ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد بلغ الثامنة من عمره وقت وفاة كسرى أنو شروان الذي توفي عام 579 م (مخطوط بمكتبة باريس ملحق المخطوط العربي رقم 751)..
وبلغ الثامنة تحتمل أنه أتمها أو في أولها فيكون عام الفيل عام ميلاد النبي هو 571 م أو 572 م أضف إلى أن الثامنة في عمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم محسوبة بالقمري على الغالب، يكون الراجح 572 م.
ويقول: إن النبي ولد ببطحاء مكة في الليلة المسفرة عن صباح يوم الاثنين لثمان خلون من ربيع الأول يوافقه من شهور الروم الثاني والعشرين من نيسان سنة 882 للإسكندر.
وحسب التقويم العام لميخائيل دبانة: فإن يوم الاثنين 9 ربيع أول سنة 53 قبل الهجرة يوافق 22 إبريل سنة 572 م، (التقويم العام لخمسة آلاف عام لميخائيل دبانة ص 58، مطبعة الهلال 1898 م).
وإن فلكي برلين الكبير المسيو إيدلر يقول: إن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم قد ولد طبقا لما ذكره المكين يوم 22 نيسان من سنة 883 من تاريخ الإسكندر، (رسالته عن الكرتولوجية الرياضية ج 2/ ص 498. وقد جعل محمود الفلكي نيسان عام 882 و883 من تاريخ الإسكندر يوافق عام 571 ميلادي! راجع ص 39 من التقويم العربي قبل الإسلام طبعة مجمع البحوث 1969 م).
ويقول الإمام شمس الدين الخلال: من المؤكد أن النبي عليه الصلاة والسلام ولد في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول في العشرين من شهر نيسان عام الفيل في عهد كسري أنو شروان، وفي الثالثة والخمسين هاجر إلى المدينة. (مخطوط الجفر الكبير ص4، بمكتبة باريس رقم 1174)..
وعليه فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أتم ثلاثا وستين سنة في العام العاشر الهجري في حجة الوداع.
فعن ابن عباس قال: أقام رسول الله بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، وبالمدينة عشرا، ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة (صحيح مسلم).
وعن جابر: أن البدن التي نحر رسول الله كانت مائة بدنة، نحر بيده ثلاثا وستين، ونحر على ما غبر (مسند أحمد وصحيح ابن حبان)، وفيه إشارة إلى عدد سنين عمره صلى الله عليه وآله وسلم وقت حجة الوداع العام العاشر.
ويلاحظ على تقويم دبانة رغم دقته أن التاريخ الهجري يتأخر يومين أو ثلاثة مثال:
- يوم 18 يوليو 623 م يوافق في أغلب التقاويم 3 محرم من العام الهجري الأول، وعنده يوافق بداية التقويم الهجري.
- ويوم 27 يناير 632 م الذي رصد فيه تاريخ الكسوف الشمسي الذي حدثفي المدينة مصاحبا لوفاة إبراهيم ابن النبي يوافق 29 شوال عام 10 هـ، بينما نجده عنده يوافق 26 شوال.
وبناء على ذلك يمكن القول بأن ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان يوم الاثنين الموافق 12 ربيع أول عام 53 قبل الهجرة 22 أبريل عام 572 م.
اللهم صلى وسلم عليه أفضل الصلاوت